Saturday 10 August 2013

مشي الحرية

شوارع ليبيا لم ترحب بي يوما ، لم أعرف يوما معنى أن أمشي في شوارع طرابلس بدون أن أتعرض للتعليقات من كل جانب ، لم أعد أهتم مؤخرا بذلك ، سماعتي منحتني مهربا من كل ذلك الكلام المؤذي

كانت شوارع أنطاليا مختلفة ، رحبت بي تلك الشوارع و كأنني جزء منها ، كان المشي فيها مريحا لقدميّ عكس شوارع ليبيا التي كانت تؤذيهما في كل خطوة ، و كنت أرتاح نفسيا ، فلم أرى أحدا يحدق بي رغم ارتدائي لِمَ قد يعتبره الليبيون "عيبا " فلم أتعرض لنظرة واحدة سيئة بل لم أشعر بأي شخص يستهدفني و لم أتوخَ الحذر و أنا أمشي كما أفعل هنا
تلك المنطقة كانت كاليتشي أو" المدينة القديمة" في مدينة أنطاليا التركية ، بلد غريب عنّي و لغة غريبة عنّي و شعب غريب عنّي و لكنني شعرتُ بالإرتياح ، بعضهم سيسميه تناقض في نفسي و لكنه أبعد ما يكون عن التناقض ، فلا يعرف ما أتعرض له في كل مرة أختار السير على قدميّ إلا أنثى ليبية مثلي

كنتُ قد نسيتُ سماعتي في ليبيا و هو أمر اعتبرته كارثة ، فكيف سأتمشى دون سماعتي !! قررت أن أخرج في ثاني يوم لوصولي لأتمشى و بمفردي بعد أن ارتحت من تعب السفر ، كان يوما صيفيا حارا ، بلغت الحرارة 41 درجة مئوية في ذلك اليوم كما هي عادة في أنطاليا ، تمشيت في شوارع المدينة القديمة ، كانت شوارع صغيرة و ضيقة و لكنك قد تضيع بسهولة بينها ، كانت مليئة بالفتادق الصغيرة و كانت هذه الفنادق مليئة بالأجانب ، فلم أجد عربيا واحدا طول إقامتي هناك و بالتأكيد لم أجد أي ليبي فجميعهم كانوا يذهبون إلى المنتجعات بينما اخترت أنا أن أذهب إلى كاليتشي

كانت اللغة عائقا في البداية و لكن يمكن للإنسان الإتفاق دون كلام فلغة الإشارات أبلغ ، كان صباحا رائعا كما أذكر فلقد حفرتُ تلك المنطقة بأثار قدميّ ، تمشيت فيها لِمَ يقارب الخمس ساعات ، شربتُ ما يقارب عشر لترات من الماء ، و ضعتُ ثلاث مرات بين شوارع كاليتشي العديدة و المتشابهة ، و جلست في مقاهي المدينة القديمة أنصت لموسيقى تركية لا أعرف معنى كلماتها ، و أحيانا أستمع لنقاش بين تركيين أو أجنبيين ، جلست أراقب الشاطئ من على حافة حديقة عامة و رأيت عروسين يركضان معا في تلك الحديقة و يأخذان الصور ، بدا كل شيء كأنه مشهد في فيلم 

تذكرتُ ليبيا في تلك اللحظة ، ليبيا التي يُفترض أن تكون وطني و أرضي ، ليبيا التي يُفترض أن تمنحني الراحة التي لن تمنحها لي كل دول العالم ، فكرتُ كيف أنني تمشيت في شارع الجرابة قبل سفري بأسبوع و كم من تعليق تعرضت له ، فكرت فيما سأتعرض له لو خرجت هكذا في ليبيا ، تساءلت : متى !؟ متى سأتمكن من فعل كل ذلك في ليبيا ! متى سأرى عروسين يركضان بسعادة في منتصف حديقة بدل الإختباء في الصالات ليلا ! و كان لديّ أمل ذلك اليوم ، فأنا كنتُ قد شهدتُ على أول انتخابات فعلية في ليبيا ، و أول خطوة نحو الحرية "كما كنت أظن " و لكنني أتساءل اليوم أي حربة !



No comments:

Post a Comment