"إنه مطر .. إنه مطر"
يصرخ خليفة و هو يجري تجاه منزله بعد أن
ابتلت ملابسه من اللعب تحت المطر ، يسرع نحو منزله الواقع في نهاية الزقاق الضيق
الرملي ، الأرض لم تعد رملية بعد هذا المطر الغزير ، أصبحت طينية مزعجة ، لكن
خليفة سعيد اليوم في هذا المساء الممطر ، إنها أمطار نادرة في هذه الصحراء فلهذا
تجد من المعتاد أن يحب الناس المطر رغم أنها ُتغرق مدينتهم في اليوم التالي ...
وصل خليفة إلى منزله سريعا ، دخل سعيد يصرخ
"إنه مطر" ، سرعان ما استوقفته أمه لتصرخ عليه "لا تدخل بحذائك لقد
نظفت المنزل للتو" ، الأم سعيدة بالأمطار و لكن شوارع بيتها الطينية تُنهكها دائما ،
فالطين عادة ما يعلق في الأحذية و الملابس ، و لكن حتى إنهاكها لا يجعلها تكره
المطر ، إنها فقط تكره حياتها و شوارع بيتها
"اخليفة ، اخليفة" ينادي محمد جاره
خليفة للذهاب للمدرسة معا ، خليفة يكره أن يُنطق اسمه بهذه الطريقة و يفضل
خَلِيفَة ، و لكن هذا شيء لا يحصده عادة
خليفة يكره أيضا شوارعه كأمه ، يكره هذه
الأزقة الضيقة التي تفوح منها رائحة الطعام ظهرا ، في تلك الساعات حين تختلط رائحة
طبخ كل المنازل الملتصقة ببعضها ، فتصبح الرائحة مقززة و المنطقة مكان ليس من
المناسب الوجود فيه ، خليفة يكره أيضا الصباح التالي للمطر عندما تغرق شوارع
منطقته في الطين و الماء ، فيصبح السير فيها مزعجا و الركض فيها مستحيلا
هو أيضا يكره حياته هنا ، يكره بشدة الملل
الذي يصيبه كل مساء ، يكره أنه لا يستطيع الإستماع للموسيقى متى أراد ، يكره اسمه
أيضا ، لم يكرهه في السابق لكنه يفعل الأن منذ أن بدأ الجميع بمناداته اخليفة ،
دائما ما يخبرهم ألا ينادوه هكذا و لكنهم لا يستمعون له
فرحة المطر مستمرة رغم أن أثارها سيئة ، هكذا
تمضي الأيام الممطرة على ليبيا ، صحراء تنزل عليها أمطار ، و كأنه حلم تحقق ، و
لكن هذا الحلم سرعان ما يتحول لكابوس اليوم التالي
لازال خليفة سعيدا بالمطر ، إنها إحدى
الأشياء الصغيرة التي تسعده في هذه الهاوية ، لكنه يكره أن يسكن في فشلوم وسط هذه
الأزقة الضيقة ، يتجنب الخروج من المنزل في هذه الأيام و لكن الملل يقتله إن لم
يفعل
يشعر بالتناقض في نفسه ، حبه للمطر و كرهه
لأثارها ، يتمنى المطر و لكنه يفكر طويلا قبل أن يتمناها ، يتمنر أن يغادر يوما
دون عودة ، يغادر فشلوم ، يغادر طرابلس و يغادر ليبيا ، إلى مكان بارد و ممطر و
لكن لا طين فيه ، فقط الحياة هناك ، هناك حيث سيحيا كإنسان يُلقبونه خَلِيفة
آهلين، بالفقرة الرابعة من القصة يوجد خطأ مطبعي بسيط في السار الثالث وهو خطأ "حليفة" بدلاً من خليفة.
ReplyDeleteأعلم أن حضرتكم ستتقبلون ملاحظتي وتقدرون علتي (: