Monday 11 November 2013

قصة قصيرة : زقاق

"إنه مطر .. إنه مطر"
يصرخ خليفة و هو يجري تجاه منزله بعد أن ابتلت ملابسه من اللعب تحت المطر ، يسرع نحو منزله الواقع في نهاية الزقاق الضيق الرملي ، الأرض لم تعد رملية بعد هذا المطر الغزير ، أصبحت طينية مزعجة ، لكن خليفة سعيد اليوم في هذا المساء الممطر ، إنها أمطار نادرة في هذه الصحراء فلهذا تجد من المعتاد أن يحب الناس المطر رغم أنها ُتغرق مدينتهم في اليوم التالي ...
وصل خليفة إلى منزله سريعا ، دخل سعيد يصرخ "إنه مطر" ، سرعان ما استوقفته أمه لتصرخ عليه "لا تدخل بحذائك لقد نظفت المنزل للتو" ، الأم سعيدة بالأمطار و لكن شوارع بيتها الطينية تُنهكها دائما ، فالطين عادة ما يعلق في الأحذية و الملابس ، و لكن حتى إنهاكها لا يجعلها تكره المطر ، إنها فقط تكره حياتها و شوارع بيتها

"اخليفة ، اخليفة" ينادي محمد جاره خليفة للذهاب للمدرسة معا ، خليفة يكره أن يُنطق اسمه بهذه الطريقة و يفضل خَلِيفَة ، و لكن هذا شيء لا يحصده عادة
خليفة يكره أيضا شوارعه كأمه ، يكره هذه الأزقة الضيقة التي تفوح منها رائحة الطعام ظهرا ، في تلك الساعات حين تختلط رائحة طبخ كل المنازل الملتصقة ببعضها ، فتصبح الرائحة مقززة و المنطقة مكان ليس من المناسب الوجود فيه ، خليفة يكره أيضا الصباح التالي للمطر عندما تغرق شوارع منطقته في الطين و الماء ، فيصبح السير فيها مزعجا و الركض فيها مستحيلا
هو أيضا يكره حياته هنا ، يكره بشدة الملل الذي يصيبه كل مساء ، يكره أنه لا يستطيع الإستماع للموسيقى متى أراد ، يكره اسمه أيضا ، لم يكرهه في السابق لكنه يفعل الأن منذ أن بدأ الجميع بمناداته اخليفة ، دائما ما يخبرهم ألا ينادوه هكذا و لكنهم لا يستمعون له
فرحة المطر مستمرة رغم أن أثارها سيئة ، هكذا تمضي الأيام الممطرة على ليبيا ، صحراء تنزل عليها أمطار ، و كأنه حلم تحقق ، و لكن هذا الحلم سرعان ما يتحول لكابوس اليوم التالي
لازال خليفة سعيدا بالمطر ، إنها إحدى الأشياء الصغيرة التي تسعده في هذه الهاوية ، لكنه يكره أن يسكن في فشلوم وسط هذه الأزقة الضيقة ، يتجنب الخروج من المنزل في هذه الأيام و لكن الملل يقتله إن لم يفعل
يشعر بالتناقض في نفسه ، حبه للمطر و كرهه لأثارها ، يتمنى المطر و لكنه يفكر طويلا قبل أن يتمناها ، يتمنر أن يغادر يوما دون عودة ، يغادر فشلوم ، يغادر طرابلس و يغادر ليبيا ، إلى مكان بارد و ممطر و لكن لا طين فيه ، فقط الحياة هناك ، هناك حيث سيحيا كإنسان يُلقبونه خَلِيفة

1 comment:

  1. آهلين، بالفقرة الرابعة من القصة يوجد خطأ مطبعي بسيط في السار الثالث وهو خطأ "حليفة" بدلاً من خليفة.
    أعلم أن حضرتكم ستتقبلون ملاحظتي وتقدرون علتي (:

    ReplyDelete